يقع نزل فينان البيئي عند المدخل السفلي لمحميّة ضانا للمحيط الحيوي في وادي عربة، ويتمتع بميزة فريدة تتمثل في ارتباطه بالنظام البيئي الأدنى لأفريقيا. يشير هذا النظام إلى الامتداد البيئي الذي يصل بين المناطق الأفريقية ذات المناخ الجاف وشبه الجاف والنظم البيئية المحيطة بوادي عربة. هذا الموقع يعزز التنوع الحيوي في المنطقة، حيث تتواجد نباتات وحيوانات متكيفة مع هذه الظروف البيئية القاسية، مما يجعلها نقطة التقاء بيئية بين الصحراء العربية والنظم الأفريقية. تم بناء النُزل في الوادي (السرير) الذي كان يضم في الستينيات مخيمًا تابعًا لسلطة المصادر الطبيعية ويهدف المشروع إلى استخدام نفس مساحة المخيم القديم لتجنب التأثير على المنطقة المحيطة.
تصور التصميم:
أرد المصمم أن يكون المكان متواضعًا للغاية، حيث يمكن للناس الانعزال كالأديرة، مكانًا يعيش فيه الرهبان فقد استوحيت الفكرة من الأديرة القبطية الفقيرة والبسيطة التي زارها المصمم في مصر، و مع الأخذ بالإعتبار طلب العميل (الجمعية الملكية لحماية الطبيعة) بتصميم مبنى بسيط جدًا ومحدود التفاصيل بهدف توجيه الموارد نحو تدريب وإدارة الحياة البرية في المحمية ونتيجة لذلك، تم تنفيذ المشروع بسياسة صارمة منخفضة التكلفة.
يشبه المشروع سرد قصة الهروب من صخب عمان، ثم رحلة طويلة عبر الوادي، وصولًا إلى مواجهة أسئلة حول احتياجات الزوار: ماذا سيأكلون؟ كيف سيقضون وقتهم؟ كيف سيشعرون؟ من هنا، تشكلت القصة، حتى أن وجبة “معكرونة المنسف الأردني” النباتية صُممت كجزء من السرد، مما حدد حجم المطبخ ومتطلباته.
نهج التصميم الداخلي والخارجي:
- تم تصميم الغرف بأسلوب مستوحى من حياة الرهبان: بدون تلفزيونات، راديو أو كهرباء، مما يُجبر الزوار على اختبار البساطة والتجرد.
- الساحات الداخلية تتحكم في ضوء الشمس الطبيعي كأنها أداة نحت، ما يخلق لعبة مستمرة للضوء عبر ساعات اليوم.
- الممرات الداخلية مستوحاة من الأسواق القديمة في دمشق وحلب، وتعمل كنظام تبريد سلبي عبر توجيه الرياح.
- تم اتباع نهج “أحادي المادة” في التصميم الداخلي، حيث يتم تشكيل الجدران لتصبح أثاثًا مثل الأسرّة أو المكاتب.
مواد وتقنيات البناء:
- استخدمت كتل خرسانية مزدوجة بطبقة هوائية لعزل الحرارة مع الأسطح مكونة من طبقتين من الفيررو-أسمنت مع قش في الوسط لعزل إضافي و القباب العضوية تُظلل الجدران وتوفر تحكمًا طبيعيًا في المناخ بما في ذلك أيضا كانت الواجهات لجدران مزودة بقطع حجرية تعمل ككاسرات شمسية، مما يُحسن التحكم الحراري.
التكيف مع البيئة:
النُزل يُبرز انسجام العمارة مع الطبيعة المحيطة، فقد تمت معالجة المناخ الداخلي بذكاء باستخدام مواد محلية وتقنيات تقليدية، مثل استخدام رقائق الحجر لكسر أشعة الشمس وتقليل الحرارة، وطبقات مزدوجة من الجدران لعزل الحرارة، بالإضافة إلى أسقف مبنية بتقنية الفيرو-سمنت مع قش القش لضمان الكفاءة الحرارية. كل هذه العناصر عملت على خلق ملاذ بيئي متناغم مع الطبيعة المحيطة، مما يجسد روح المكان ويقدم تجربة فريدة للزوار.
يُعد نُزل فينان البيئي نموذجًا حيًا للمعمار المستدام الذي يدمج بين العمارة التقليدية والتقنيات البيئية الحديثة، مقدمًا تجربة غنية ومريحة بعيدًا عن صخب الحياة الحضرية.
“نص شرح المشروع مقدم من المصمم.”
