وصف المشروع مقتبس من كتاب “قصة طوبة” للمعماري محمد الرافعي.
يقع المشروع في بلدة صغيرة تسمى “القرينة” على بعد حوالي 80 كيلومترًا إلى الشمال من مدينة الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية، وهو عبارة عن مجموعة من المباني الموزعة داخل مزرعة خاصة.
يتكون المشروع من العناصر التالية: سكن المزرعة وملحقه, فيلا الضيافة, لوجيا الجبل, البوابة الرئيسية وتشمل سكن الحارس, تراس خارجي للطعام في الهواء الطلق.
كان تصميم مباني المشروع محاولة للتأكيد على أن النتيجة المعمارية المادية لا تخضع بالضرورة لمعايير وظيفية وبراجماتية فحسب، بل إنها في الواقع نتاج ثقافي وإنساني، وخاصة عندما تواجه مثل هذه المباني قضية الإسكان.
يحتوي الطابق الأرضي لسكن المزرعة وملحقه على مدخل وصالون ضيافة وغرفة معيشة ومطبخ, تحيط هذه الفراغات بفناء خارجي مفتوح. إضافة الى ثلاث غرف نوم موزعة على ثلاثة مستويات, مع شرفات تطل على المنظر الخارجي للوادي المزدان ببساتين النخيل.
شيد المشروع إنشائياً على أساسات شريطية من الخرسانة المسلحة و بنظام الحوائط الحاملة والعقود مع تنويعات متباينة من الأسقف المقببة. واستخدم في بناءه ثلاثة أنواع من المواد (الخامات). الخامة الأولى وهي الحجر الطبيعي, والذي تم جلبه من الجبل الواقع على حدي وادي المزرعة, حيث تم توظيفه في طبقات الأساسات وبارتفاعات متفاوتة فوق سطح الأرض. يليه الخامة الثانية, وهي الطوب من التربة المضغوطة بمقاسات 9x 14 x 29 سم الذي تم انتاجه في ارض المشروع, والذي صُنع من تربة المزرعة, حيث تم ضغطه بمكابس يدوية واستخدم الأسمنت بنسبة 5% لتثبيته. بلغت تكلفة إنتاج الطوب حينها حوالي 600 ريال سعودي لكل ألف طوبة. استخدم هذا الطوب في بناء الحوائط والعقود وبعض القباب. أما البعض الآخر من القباب, تم بنائها بإستخدام الخامة الثالثة وهي الطوب الأحمر الفخاري, الذي أضفى إستخدامه بهجة على الأسقف من الداخل بعدما برع البناؤون في صياغة تشكيلات زخرفية هندسية باهرة بها.
اجتمعت في هذا المشروع جميع عناصر منظومة توفير الراحة الحرارية. حيث مكن السُّمْك الكبير للحوائط من توفير جدران خارجية تتمتع بكل العزل الحراري المرتفع والسعة الحرارية الكبيرة. ويحتوي المشروع على برج تبريد هوائي بحيث يحتوي بداخله على نظام تبريد تبخيري مشابه للتكييف الصحراوي. حيث صمم موقع البرج في منتصف المبنى, بحيث يستطيع إمداد أكبر قدر ممكن من الفراغات الداخلية بالهواء البارد والنسيم المنعش. وبالإضافة للفناء الداخلي, ساعدت هذه العناصر والتقنيات على تحقيق خفض في درجات الحرارة بين الداخل و الخارج والتي تترواح من 15 إلى 12 درجة مئوية في أوقات النهار بفصل الصيف, مما جعل المبنى لا يحتاج الى تشغيل أية مكيفات كهربائية إلا في أوقات نادرة جداً.
“إن كنت في كنف الطبيعة, فدعها تحتضنك, وتناغم معها, وامنحها ما تستحق من احترام”
احترام الطبيعة ليس فقط بعدم التعدي عليها وتشويهها, بل أيضاً بالتواضع أمامها, ومحاولة الإندماج الصادق معها, فالطبيعة هي الأصل ونحن الضيوف عليها. فكلما استطعنا خلق تناغم للدرجة التي تجعل من مبانينا وكأنها نتاج طبيعي للمشهد الخلوي, كلما نكون قد نجحنا في تقديم ما تستحقه البيئة الطبيعية منا.
ففي هذا المشروع كانت العلاقة بين المبنى وبيئته علاقة تلاحم وإندماج تام, فالجبل وكأنه قد أعار المبنى جزءاً من أحجاره ليبنى بها المداميك السفلية من حوائطه, حتى أن البعض قد يشعر وكأن المبنى قد خرج من رحم هذا الجبل. والطوب المصنوع من تربة المكان, بلونها وملمسها قد أكد على هذه العلاقة وزادها وضوحاً.
حاز المشروع على جائزة حسن فتحي للعمارة عام 2016 وجائزة باكو الدولية للعمارة عام 2021، كما تم ترشيحه رسميًا مرتين لجائزة الآغا خان المرموقة لدورتيها 2016 و2019. ونشرته مؤسسة الآغا خان في قاعدة بياناتها بالتعاون مع معهد ماساتشوستس للعمارة.
فيديو: شرح تفصيلي عن المشروع:
