1984– قادت عمارة/طراز السلمانية عملية إحياء مركز المدينة التاريخي في العاصمة الرياض إلى آفاق جديدة مع انطلاق مشروع المسجد الكبير. لم يكن هذا المشروع الأيقوني مجرد إنجاز معماري ضخم، بل حظي أيضًا بتقدير عالمي، حيث تم منحه جائزة الآغا خان لتصميم المساجد والعمارة الإسلامية.
شملت عملية الإحياء تحويل الشوارع القائمة، وإدخال الساحات والمسارات المجهزة بالمناظر الطبيعية، مما عزز بشكل كبير الجمال البصري للمنطقة. تميز المشروع بمكونين رئيسيين: المسجد الكبير، الذي يوفر ملاذًا روحانيًا لـ 20,000 مصلٍّ، ومجموعة من المنشآت التي تضم مدارس للقرآن الكريم، ومكاتب إدارية، ومتاجر تجارية، ومساكن للموظفين.
استمد تصميم المسجد الكبير إلهامه من المعالم المعمارية التاريخية، متأثرًا بشكل خاص بـ المسجد القديم في الرياض. وقد أجريت دراسة معمقة للمسجد من مختلف الزوايا، حيث تم إنتاج مجموعات شاملة من الرسومات، والمخططات، والمقاطع، والواجهات، والتي كشفت عن التكوينات الحجمية والمكانية المعقدة ضمن سياقها الحضري. امتدت هذه العملية الدقيقة إلى تقييم الجوانب المعمارية المختلفة، بدءًا من العلاقات الهندسية الأساسية وحتى التفاصيل الدقيقة للواجهات والزخارف. علاوة على ذلك، تم إجراء تحليل معمق للخصائص البيئية والمناخية والثقافية، إلى جانب أنماط السلوك الاجتماعي المحلي.
نتج عن هذا النهج الشامل تصميم يعكس الطابع المكاني للعمارة النجدية. ومن أبرز مميزات هذا المشروع، إلى جانب دوره في التطوير الفكري والعمراني، هو انسجامه بين المواد المحلية التقليدية والأنماط التراثية مع الطابع العصري. وقد تحقق ذلك من خلال التكامل السلس بين المواد المبتكرة والتقنيات المتقدمة، مما أضفى على المسجد طابعًا فريدًا يجمع بين الأصالة والحداثة.
