في عام 1992، كانت منطقة الدوار الأول في جبل عمان جزءًا من المدينة المنسية وغير المرئية. فانبثق فكرة تصميم مركز الطبيعة وايلد جوردان Wild Jordan من مسابقة مغلقة شاركت فيها خمس من أفضل المكاتب الهندسية في عمان. فقد شكلت التضاريس الشديدة الانحدار والموقع المحصور بين طريقين تحديًا كبيرًا، ولكنه أصبح فرصة لحلول تصميمية إبداعية.
تحديات الطوبوغرافيا
تميز موقع المشروع بتحديات طوبوغرافية استثنائية بسبب انحداره الحاد، حيث يقع بين طريقين. قرر التصميم الاستفادة من الطريق العلوي كنقطة وصول رئيسية، متجاهلًا الطريق السفلي. وتم تصور المبنى ككتلة “معلقة” تنحدر من الطريق العلوي بدعم من أعمدة خرسانية مكشوفة، ما جعل المبنى يبدو وكأنه يطفو في الهواء، مع تعزيز ارتباطه بالطبيعة المحيطة. فترك الأعمدة مكشوفة يسمح بتوسعات المستقبلية.
نهج إنشائي فريد
استوحى المشروع فكرته من ممارسات البناء المحلية، ولكنه عكس الترتيب التقليدي للبناء. فبدلاً من البدء بالأرضية الأولى والبناء نحو الأعلى، تم تثبيت المبنى من الأعلى ليتدلى إلى الأسفل. هذا التصميم أضاف بُعدًا جديدًا يتمثل في الكشف عن “الواجهة السادسة” للمبنى، وهي قاعدته السفلية، وهو أمر غير مألوف في تصميم المباني الحضرية.
الاندماج مع الطبيعة
ساهمت الأعمدة الخفيفة والهيكل الصغير في الحفاظ على التضاريس الطبيعية للموقع. وقبل البدء في البناء، تم إجراء مسح للنباتات المحلية، حيث تم تحديد 24 نوعًا من النباتات البرية الأردنية الأصلية وتم الحفاظ عليها أسفل المبنى لضمان استمرار بيئتها الطبيعية.
لغة التصميم والسياق
يستمد تصميم مركز البرية أبعاده ونسبه من المنازل التقليدية في جبل عمّان وجبل اللويبدة. يتألف المبنى من مكعبين متداخلين، كل منهما بمقاس 10×10 أمتار، ما يعكس النسيج الحضري والإيقاع البصري لمنطقة وسط البلد. ومن خلال استخدام الواجهات الزجاجية، تم دمج المبنى بصريًا مع محيطه مع توفير إطلالة بانورامية على المشهد العمراني.
الخامات والتشطيبات
تم اختيار مواد البناء لتكون مستوحاة من الطابع الخام والبسيط لوسط عمّان. استُخدمت بلاطات إسمنتية بمقاس 40×40 سم في الداخل لتُظهر روحًا متواضعة ومتينة، تشبه أرصفة وسط البلد. ورغم أن النهج العام للتشطيبات يبدو صارمًا، إلا أنه عكس تقديرًا عميقًا للبساطة العملية. كما تم دمج المواد المُعاد تدويرها بشكل كبير في التصميم، مثل استخدام العلب المعدنية التي جمعها الأطفال من نوادي الطبيعة في المدارس في جميع أنحاء الأردن، لتصبح شاشات نوافذ أو أجزاء من الأثاث، مما عزز إحساس المجتمع بالملكية والارتباط بالمشروع.
البرنامج والوظائف
يعمل مركز البرية كمحور للتوعية البيئية والسياحة البيئية. يضم المركز متاجر للحرف اليدوية والمنتجات العضوية، ومقهى، وقاعات محاضرات، ومكاتب، ومساحات عرض متعددة الوظائف. وتُعد الشرفة العلوية أبرز معالم المركز، حيث توفر إطلالة بانورامية على عمّان، تُظهر طبقاتها التاريخية من جبل القلعة والهياكل العثمانية إلى المباني الحديثة. تعمل هذه الشرفة كمحطة لسرد قصة المدينة وربط ماضيها بحاضرها ومستقبلها.
رؤية للحفاظ على البيئة
يجسد مركز البرية في الأردن التزامًا بالحفاظ على البيئة والتعليم والمشاركة المجتمعية. من خلال الاحتفاء بالمواد البسيطة ذات التكلفة المنخفضة وإشراك المجتمعات المحلية في إنشائه، تجاوز المركز دوره كمبنى ليصبح رمزًا لحماية البيئة والثقافة.
“نص شرح المشروع مقدم من المصمم.”