أكملت شركة Dabbagh Architects ، التي أسستها المعمارية سمية جعفر الدباغ، مسجد المرحوم محمد عبد الخالق قرقاش في دبي، الإمارات العربية المتحدة. ويشكّل هذا المسجد المعاصر مكان عبادة يتسم ببراعة هادئة في استخدام الشكل والمواد والضوء الطبيعي المنضبط، لخلق إحساس بالسكينة والاتصال الروحي، ونقل المصلّي من العالم المادي الخارجي إلى الإحساس الداخلي بالوجود. ويُعد هذا المسجد من أوائل المساجد في الإمارات التي صممتها معمارية امرأة.
كهدية للمجتمع وتكريمًا لذكرى كبير العائلة الراحل محمد عبد الخالق قرقاش، كانت رغبة عائلة قرقاش إنشاء مسجد معاصر بسيط، يشكّل فضاءً هادئًا وروحيًا للصلاة يخدم مجتمع القوز، القلب الصناعي لمدينة دبي.ⓒ Gerry O’Leary
ⓒ Gerry O’Leary
في جوهر التصميم، تمثّلت الفكرة في تعزيز فعل العبادة وخلق رحلة انتقالية عبر أروقة المبنى بحيث يصبح المصلّي مستعدًا للصلاة ويشعر بالقرب من القدسية. تقول سمية الدباغ:
“كان تصميم فضاء للعبادة تحديًا معماريًا خاصًا. فالصلاة فعل تعبدي يتطلب من المصلّي أن يكون حاضرًا كليًا. ومع كل المشتتات في حياتنا الحديثة المزدحمة، قد يكون من الصعب تهدئة العقل وإيجاد سكينة داخلية تسمح بالانغماس التام في الصلاة. ومن خلال التصميم، تم إنشاء سلسلة من الفراغات التي تسمح للمصلّي بالانتقال من العالم الخارجي الصاخب والاستعداد لتجربة داخلية روحية.”ⓒ Gerry O’Learyاستُخدم الضوء الطبيعي كأداة لتعزيز الشعور بالروحانية، وإبراز الرابط بين الدنيوي والإلهي، وللتعبير عن رحلة المصلّي عبر المبنى. كما لعب الحجم المعماري دورًا مهمًا في خلق هذا الإحساس بالقدسية. سعت شركة Dabbagh Architects إلى تجنّب تعدد الكتل، فقامت بتبسيط الشكل الإسلامي التقليدي واختزاله إلى جوهره الأساسي. ويسهم استخدام الأنماط والمواد في هذا المشروع في تعزيز تجربة المستخدم أثناء انتقاله من الخارج إلى الفناء ثم دخوله المبنى. ويظهر في جميع أرجاء المبنى نمط مثلثي يستحضر الهندسة الإسلامية التقليدية، لكنه أُعيد تفسيره بلغة معاصرة تفكيكية.
ⓒ Gerry O’Leary
ⓒ Gerry O’Learyتستخدم الكسوة الخارجية للمبنى هذا النمط المثلثي في عناصر غائرة ومثقبة، ما يمنح واجهته مظهرًا ديناميكيًا متغيرًا. أما في الداخل، فتعمل هذه الثقوب على تشتيت الضوء الطبيعي نحو مناطق الصلاة بدقة وعناية فائقة، لتضيء الفراغات الرئيسية وتخلق جوًا هادئًا وإحساسًا بالارتباط بالعالم الإلهي، مع المساهمة أيضًا في تبريد فراغات المسجد الداخلية. تسمح القبة ذات الطبقتين بدخول الضوء الطبيعي، ليُرشَّح عبر الطبقة الداخلية المزخرفة، والتي تتضمن النمط المثلثي ذاته. هذا الضوء المصفى يخلق فراغ صلاة مضاءً طبيعيًا بلطف، يلائم العقل التأملي أثناء أداء الصلاة.
ⓒ Gerry O’Learyتلعب الخطوط القرآنية دورًا مهمًا في التصميم العام أيضًا. إذ تلتف سورة من القرآن الكريم حول قاعة الصلاة من الخارج، مشكلةً حزامًا رمزيًا يعبّر عن الطبيعة الروحانية للمكان منذ لحظة الوصول، ويبعث طاقة قدسية تتخلل أرجاء المبنى.
ⓒ Gerry O’Leary