استجابةً لاحتياجات الحرم الجامعي المتطورة وازدياد الاهتمام بالتعبير الثقافي والفني، اتخذت إدارة الجامعة قرارًا جريئًا: بدلًا من إنشاء مبنى جديد، ستعمل على إحياء قاعة محاضرات مهجورة. ويعكس هذا الاختيار رؤية أوسع للاستدامة، ليس فقط من الناحية البيئية، بل أيضًا من خلال الحفاظ على التراث المعماري القائم وإعادة تفعيله.
يرتكز المفهوم التصميمي على استعارة قوية: ستارة المسرح. تتجسّد هذه الفكرة من خلال واجهة جديدة لافتة للنظر تبرز بصريًا تحوّل المبنى. فبعد أن كان هيكلًا أكاديميًا مغلقًا وثابتًا، أصبح اليوم يكشف عن نفسه كمساحة ديناميكية للعروض والتجمعات. تفتح الواجهة المشابهة للستارة – بشكل مجازي – لترحّب بالجمهور، معلنة بوضوح عن هوية المبنى الجديدة ووظيفته المتجددة.ⓒ Fady Koudsi
ⓒ Fady Koudsi
تم تنفيذ هذا التحوّل عبر مزيج متناغم من واجهة زجاجية شفافة وصفوف من الشرائح الألومنيومية البارامترية parametric aluminum louvers. تعكس الواجهة الزجاجية صورة المباني المجاورة، مما يرسّخ حضور المسرح في سياقه داخل الحرم الجامعي.، فيما تضفي الشرائح الألومنيومية إيقاعًا نحتيًا معاصرًا يتبدّل بين الحجب والكشف وفقًا للوقت وزاوية الرؤية. بهذا التكوين المزدوج، يتحقق توازن رفيع بين التقليد والابتكار، وبين الشفافية والكتلة.
أصبح المبنى بسرعة علامة فارقة في المشهد الجامعي، يحافظ على ذاكرة هيكله الأصلي، وفي الوقت ذاته يعبّر بلغة معمارية متفرّدة تميّزه عن جيرانه التقليديين، معلنًا بروحه ومادته عن الانفتاح والإبداع والانخراط الثقافي.ⓒ Fady Koudsiفي الداخل، أُعيد تنظيم البرنامج بعناية لدعم الدور الجديد للمبنى. يضم المبنى مسرحًا مجهزًا بالكامل بسعة 550 مقعدًا، صُمم لاستضافة مجموعة متنوعة من العروض والفعاليات الفنية. كما تم دمج قاعات محاضرات مزدوجة المستويات تتسع مجتمعةً لـ 1,200 طالب. هذا الطابع المزدوج يعزّز هوية المبنى كفضاء أكاديمي وثقافي في آن واحد، ويذيب الحدود الفاصلة بين التعلم والأداء.
ⓒ Fady Koudsi
ⓒ Fady Koudsiكانت إحدى أكبر التحديات هي تهيئة مساحة أُنشئت في الأصل للمحاضرات لتلبي المتطلبات المكانية والتقنية لمسرح متكامل. قضايا مثل الصوتيات، وحركة الجمهور، ودمج الواجهة، كان لا بد من إعادة تصورها ضمن قيود الهيكل القائم. ومع ذلك، تحولت هذه القيود إلى فرص لابتكار تصميم يجمع بين التعبير الجمالي والوظيفة العملية.
ومن خلال إعادة تصور وظيفة المبنى وهويته، نجح المشروع في تقليل الأثر البيئي مع إثراء السرد المعماري للحرم الجامعي. إنه تدخل حساس وحازم في الوقت نفسه، يعترف بالماضي ويحتضن الحاضر. واليوم، يقف مسرح عين شمس كتذكير يومي بكيفية قدرة العمارة على التكيّف والإلهام والتحوّل، دون الحاجة للبدء من الصفر.