جاء تصميم مسجد الغرة رافضاً الاستخدام المفرط للأسلوب التقليدي في تكرار تصميم المسجد النبوي في المدينة المنورة، وذلك من خلال تصميم “المسجد” كبيت الله بكل ما للكلمة من معنى, يحمل معنى التسامح و الروحانية بين طياته. فعندما كان الأمر بسيطًا أيام النبي محمد (ﷺ), تم ذلك من خلال تمييزه عن الأبنية المحلية الشائعة خاصةً في تصميم قاعة الصلاة الهندسية المزخرفة.
يقع المشروع على أرض صخرية مرتفعة, حيث أن صخر الموقع مستمر على واجهة المبنى (جدار القبلة) و مواجهاً لمكة المكرمة . تقوم الطبيعية المحيطة بالمبنى بربط الجيران على مناسيب مختلفة (بفرق: 7 أمتار كحد أقصى). تتخذ الرحلة نحو المسجد مسارات منحنية متدرجة لتصل إلى الساحة الأمامية (صحن المسجد)، مما يسمح بالدخول المباشر إلى قاعة الصلاة و دخولًا غير مباشرًا إلى منطقة الوضوء. ونتيجة لذلك، يمتزج المبنى مع الطبيعة لإظهار الحالات الدينية الخاصة مثل الظاهر والطهارة والباطن بشكل رمزي.
الظاهر – هي حالة تآزر المصلين بين النداء والصلاة تظهر في المسارات التي تمر عبر أشجار الحدائق. تتمثل في حالة التأمل في الأوراق المتساقطة وتلاشي الظلام.
الطهارة – تتمثل في حالة عدم الطهارة الجسدية، للإرتقاء من “الدنيا” سعيًا إلى “الدين” للحظات. تتمثل في التزام الصمت و الهدوء باستثناء سماع صوت قطرات الماء.
الباطن – هو حالة من التضرع والخشوع، والتصدي لمعاناة الحياة، وصولًا إلى “الله” تعالى، واقتداءً بما اعتاد نبينا “محمد” أن يفعل في ” مسجده الأول بالمدينة المنورة”. و يتمثل في العلاقة بين الضوء الطبيعي والحجر على جدار القبلة.
يعمل تصميم مسجد الغرة على تشابك أشعة الضوء باستمرار لتروي بين السطور قصة الراحة المتجسدة في الصفوف المستقيمة للمصلين أثناء استماعهم إلى شعائر الصلاة. يتميز المسجد بمشهد غير اعتيادي لوجود الخرسانة تحت أشعة الشمس، حيث أن الضوء يسقط على الحجارة السوداء أيضاً، مع وجود لمسة من اللون الأبيض على الطوب.
